الأربعاء، نوفمبر 17، 2010

التحرش والاغتصاب فى المدارس المصرية


انتبه... خطر مدرسة! ... تحرش واغتصاب في أروقة مدارس مصرية
انتبه... خطر مدرسة! ... تحرش واغتصاب في أروقة مدارس مصرية

الإثنين, 15 نوفمبر 2010


القاهرة – أمينة خيري
الحياة السعودية
عاد تلميذ مدرسة إلى بيته ليشكو لوالده تعرضه للاغتصاب على يد مجموعة من زملائه. الأب أقام الدنيا ولم يقعدها. انتهج النهج الرسمي وتقدم بشكوى رسمية ضد المدرسة وإدارتها والطلاب الذين آذوا ابنه. رد فعل طبيعي.

--> 
مدير المدرسة يستدعي الطالب الضحية والطلاب المعتدين فيضربهم جميعاً تأديباً لهم.
وزارة التربية والتعليم تحقق في الشكوى، وترسل لجنة تقصِّي إلى المدرسة. رد فعل طبيعي أيضاً من الوزارة المسؤولة عن التعليم عموماً والتربية خصوصاً.
برامج الـ«توك شو» المسائية اليومية على الفضائيات تلتقط الحادثة وتبدأ متابعة تفاصيلها.
رد فعل إعلامي طبيعي هو الآخر، لا سيما أن الحادث تتوافر فيه كل عناصر الجذب الإعلامي.
يتسابق معلمو المدرسة للتحدث إلى وسائل الإعلام المكتوب، مؤكدين أن الطالب الذي ادعى الاعتداء عليه هو طالب مشاغب والجميع يشكو منه. ليس هذا فقط، بل إن مدير المدرسة قال بالحرف مدلِّلاً على «قلة أدب» الطالب، أنه «دائماً يعارض معلميه».
تبريرات خالية من العقل والمنطق. فليس كل طالب يعارض معلميه يدعي تعرضه للاغتصاب.
وزارة التربية والتعليم تقرر إيقاف مدير المدرسة عن العمل وفصل الطلاب المتهمين بالاغتصاب لحين انتهاء التحقيق، بالإضافة الى نقل عدد من معلمي المدرسة الى مدارس أخرى.
تصرف غير منطقي آخر، لا سيما في ما يختص بنقل المعلمين، فإذا ثبت تقصيرهم، فإن نقلهم إلى مدرسة أخرى قد يصدِّر المشكلة إلى طلاب جدد.
الفضائيات تصعِّد اهتمامها بالحادث وتتصارع على استضافة ولي أمر الطالب الذي ظهر واضحاً جليّاً على الشاشات ليعرف الجميع من هو الطالب الذي يقول إنه تعرض للاغتصاب، ومن هو والده.
هذا بحد ذاته تصرف غير مقبول وينافي أبجديات أخلاقيات العمل الإعلامي لجهة التشهير بالضحية، خصوصاً قبل صدور حكم في القضية.
تقرير الطب الشرعي أكد أن الطالب تعرض لمحاولة اغتصاب، لكنها لم تكتمل. هنا أخذ مدير المدرسة يهلِّل ويؤكد أن تقرير الطب الشرعي نصره وأظهر الحق، معتبراً أنه طالما محاولة الاغتصاب لم تكتمل، فإن هذا يعني أنه لم يقصِّر في عمله. بل واتهم والد الطالب بأنه أضاع مستقبله الوظيفي بعد ما شهر به، إذ أن هتك العرض – وهي التهمة التي تم توجيهها للطلاب الأربعة الذي تعرضوا للطالب – تختلف تماماً عن الاغتصاب.
فرحة غير مبررة، فهتْك العرض أخفّ من الاغتصاب في نص القانون، لكنه لا يزال يندرج تحت بند الكارثة في حياة التلميذ.
والواقع أن حادث تعرض طالب في المرحلة الإعدادية في إحدى المدارس الحكومية في حي مصر الجديدة في القاهرة لمحاولة اغتصاب – اتضح في ما بعد أنها هتك عرض – هز الرأي العام المصري. وعلى رغم أن وقوع حادث اغتصاب في داخل حرم مدرسي أمر وارد على بشاعته، إلا أن التعامل مع الحادث، والتبريرات التي صدرت من داخل المدرسة نفسها، وتعامل الإعلام معه، وقرارات وزارة التربية والتعليم جميعها كانت أشد وطأة وأكثر مدعاة للقلق والخوف حول مسار التربية في وزارة التربية والتعليم ودور المدرسة في التنشئة، وليس في حشو أدمغة الطلاب بالمعلومات.
دائرة الاتهام في هذا الحادث تتسع لكثيرين، فالمعلمون الذين بادروا عقب البلاغ الذي تقدم به الأب إلى التأكيد على أن الطالب كان يمارس الفجور، وأنه ضبط غير مرة وهو يقوم بحركات تخدش الحياء أمام زملائه، لم يتوقفوا ليسألوا أنفسهم عن سبب سكوتهم عن مثل هذه التصرفات في وقتها، أو حتى استدعاء ولي أمره لبحث حالته، وإن كان يحتاج لعلاج في حال كان يعاني اضطرابات نفسية أو حتى جنسية تدفعه لمثل هذه التصرفات.
ومدير المدرسة الذي اعتبر نفسه ضحية بريئة لأن الطالب لم يتعرض إلا لـ «هتك العرض» فقط، لم تَعْنِه الفضيحة التي جرت أحداثُها في مدرسته كثيراً، ولا إثبات ضلوع أربعة طلاب من مدرسته في محاولة الاعتداء على الطالب. كل ما فكر فيه هو رغبته العارمة في العودة إلى عمله في مدرسته وليس في مدرسة أخرى.
وفي دائرة الاتهام كذلك يقف مجلس أمناء المدرسة، الذي يضم ممثلين عن أولياء أمور الطلاب، والذين يفترض أن يكونوا الأكثر اهتماماً بمصلحة أبنائهم التربوية والأخلاقية وسلامتهم النفسية وبالطبع الجنسية. فقد بدأوا يبذلون جهوداً لإعادة المدير والمعلمين المنقولين إلى مدارس أخرى، بحجة «عدم الإخلال بالعملية التعليمية»، لا سيما مع قرب موعد امتحانات الصف الدراسي الأول. وقال أحدهم مبرهناً على نجاح إدارة المدرسة المذهل إن «نسبة النجاح في الشهادة الإعدادية في العام السابق كانت 88 في المئة العام الماضي، وهي نسبة مرتفعة جدّاً». وهذا يعني أن مقياس نجاح الإدارة يكمن في نسب النجاح المرتفعة. أما أخلاقيات الطلاب ومستواهم التربوي، فمعيار غير وارد أصلاً.
ولا تخلو دائرة الاتهام من الأب نفسه، الذي لم يفكر مرتين قبل أن يظهر على شاشات الفضائيات بوجهه واسمه كاملين من دون تمويه، غير عابئ بأن هوية ابنه باتت معروفة للقاصي والداني.
اللافت أنه بعد مرور 48 ساعة على وقوع هذا الحادث والتعامل المزري معه، وقع طالب آخر، ولكن في منطقة 15 مايو في محافظة حلوان المتاخمة للقاهرة، ضحيةً للاغتصاب، مع بعض التغييرات الطفيفة في السيناريو، فالطالب في المرحلة الابتدائية، ولم يتعرض للاغتصاب – أو حتى هتك العرض- مرة واحدة، بل ثلاث مرات، وهو لم يكن ضحية زملائه، لكنه وقع ضحية معلم اللغة العربية!
مرة أخرى، تمَّ نقل المعلم المعتدي إلى وظيفة إدارية لحين انتهاء التحقيق معه. وتم نشر اسم والد الطالب، والمعلم، والمدرسة.
وإلى أن يتم حل مشكلات الفقر المؤدي إلى العنف، والمشكلات الجنسية لدى الصغار، والكبت الجنسي لدى الكبار، وتحلل وزارة التربية والتعليم من الشق الأول لمسماها، وتخلي المعلم تماماً عن دوره في التنشئة، وانشغال الأسرة بمهمة توفير لقمة العيش على حساب توفير قدر أدنى من التربية، وتركيز الجميع على التحصيل العلمي واعتبار معدلات النجاح في الامتحانات المعيار الحقيقي لحسن الإدارة المدرسية، ينبغي التوصل إلى خطة أفضل للتعامل مع حوادث الاعتداء الجنسي على الصغار. فهل نقل المعلمين المقصرين إلى مدارس أخرى هو الحل الأمثل؟ وهل نقل المعلم المغتصِب إلى وظيفة إدارية عقاب مناسب؟ وهل خروج والد الطفل الذي تعرض للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي ليتحدث عما حدث لابنه على شاشات التلفزيون مع عدم طمس ملامح وجهه من الحكمة في شيء؟ وهل تكالب الصحف لإجراء حوارات مصوَّرة مع ضحايا الاغتصاب يندرج تحت بند الإخلال بأخلاقيات العمل الصحافي؟
من الوارد أن يتعرض طالب في مدرسة للاغتصاب. ومن الوارد أيضاً أن تتعرض طالبة للتحرش. الحدث جلل من دون شك، لكنه يحدث للأسف، اما الأكثر مدعاة للأسف، فهو كيفية التعامل مع هذه الحوادث.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة